عصر التحدث مع الحيوانات: القفزة الحضارية الجديدة للبشر

Contents
- 1 مقدمة
- 2 التجربة التاريخية
- 3 كيف تمت التجربة؟
- 4 استجابة الحوت “توين”
- 5 المطابقة الزمنية في التواصل
- 6 دور الذكاء الاصطناعي
- 7 العلاقة بين فهم لغة الحيتان والتواصل مع الكائنات الفضائية
- 8 كيف سيفيد التحدث مع الحيوانات البشرية؟
- 9 الخاتمة
- 10
- 11 الأسئلة الشائعة حول التواصل مع الحيوانات.
- 12 المصادر
- 13 ابق على اطلاع
- 14 هل تحب الروايات المثيرة والمقالات المفيدة؟اشترك الآن ليصلك كل جديد من الكاتب إسلام عبد الله مباشرة في بريدك.
- 15
مقدمة
تخيل أن البشر أصبح لديهم القدرة على التحدث مع الحيوانات!!
مع الطيور في أعالي الجبال، أو توجيه الأوامر للثعابين والعقارب في أعماق الصحراء، أو الاستعانة بالدببة في استكشافاتهم للقطب الشمالي!
هذا ما سيحدث قريبًا بفضل التجربة العلمية الناجحة التي نفذها العلماء في الوقت الحالي، حيث استطاعوا إجراء محادثة كاملة لمدة 20 دقيقة مع أحد الحيتان في جنوب ألاسكا، فاتحين بذلك أول باب للتواصل بين البشر والكائنات غير البشرية.
ما هي حكاية هذه التجربة؟ وكيف تم تنفيذها؟ وما الفائدة التي ستعود علينا كبشرية؟ هذا ما سنتناوله في مقالنا اليوم.
التجربة التاريخية
في 12 ديسمبر سنة 2023، حدث إنجاز علمي مذهل عندما نجح العلماء في التحدث مع أول كائن حي غير بشري بطريقة علمية مدروسة. والمفاجأة أن هذا الكائن تجاوب مع البشر وتمت بينهما محادثة طويلة استمرت لنحو 20 دقيقة. وكان هذا الكائن غير البشري عبارة عن حوت أحدب كبير!
هذه التجربة المذهلة تُعد خطوة في طريق طويل للبحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض، قد تنتهي بالتواصل مع كائنات فضائية من كواكب ومجرات أخرى.
كيف تمت التجربة؟
قام علماء من جامعة كاليفورنيا في ديفيس ومؤسسة ألاسكا للحيتان ومعهد SETI (البحث عن الذكاء خارج الأرض) بإجراء هذه التجربة الفريدة، وتم نشر نتائجها في ورقة بحثية في مجلة “PeerJ” تصف بالتفصيل تجربتهم في التواصل مع الحوت الأحدب.
الحوت الأحدب هو نوع من الحيتان الحدباء التي تتميز بإنتاج أصوات معقدة ومتنوعة تُسمى “أغاني الحوت”. وتُستخدم هذه الأغاني لأغراض مختلفة مثل البحث عن شريك للتزاوج، أو الدفاع عند التعرض للهجوم، أو التنسيق مع أفراد المجموعة أثناء عمليات الصيد.
كانت طريقة إجراء التجربة بسيطة نسبياً؛ حيث تجمع العلماء على متن قارب واتجهوا نحو سواحل ألاسكا، وتتبعوا مجموعة من الحيتان الحدباء كانت تسبح معاً. قاموا بتسجيل أصوات هذه الحيتان، وأطلقوا على كل حوت اسماً مختلفاً للتعرف عليه لاحقاً. وفي اليوم التالي، قاموا بإطلاق أحد الأصوات المسجلة لأحد الحيتان، وأسموا هذا الصوت “مكالمة الاتصال”، وأطلقوه في المحيط لمعرفة ما إذا كان أي من الحيتان سيستجيب لهذه المكالمة.
وتشبه مكالمات الاتصال هذه التحية البشرية، كما شرحت المؤلفة الرئيسية “بريندا ماكوان”، الأستاذة في كلية الطب البيطري بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، لموقع “بيزنس إنسايدر”. وأوضحت أن الحيتان تستخدم مكالمة الاتصال هذه لاستدعاء الحيتان الأخرى أو للإعلان عن مكان وجودها.
استجابة الحوت “توين”
المفاجأة كانت أن أحد الحيتان من المجموعة، ويُدعى “توين”، تفاعل مع صوت مكالمة الاتصال التي أطلقها العلماء، وترك مجموعته وتوجه نحو القارب ودار حوله.
بدأت محادثة بين العلماء والحوت “توين” استمرت لمدة 20 دقيقة كاملة. وخلال هذه المدة، كرر العلماء مكالمة الاتصال 36 مرة بفواصل زمنية مختلفة، وكان الحوت “توين” يستجيب في كل مرة.
وتشير هذه التفاعلات المتكررة إلى أن الحوت كان يشارك في المحادثة برغبته الفعلية، تماماً كما يتواصل شخصان قابل أحدهما الآخر في وسائل المواصلات ويتحدثان معاً حتى وصول المحطة. هذا ما استخلصه العلماء من أن الحوت “توين” كان يتواصل معهم فعلاً برغبته الخاصة ويرد عليهم في كل مرة.

المطابقة الزمنية في التواصل
أوضحت بريندا ماكوان أن التواصل مع الحيتان يتم عن طريق المطابقة الزمنية، أي أن الحوت يجب أن يرد بعد فترة محددة تماثل الفترة التي يتحدث بها الحوت الآخر!
في هذه التجربة، كان الباحثون يرسلون مكالمة الاتصال إلى الحوت ثم ينتظرون 10 ثوانٍ قبل إعادة المكالمة مرة أخرى. والمفاجأة أن الحوت “توين” كان ينتظر نفس الفترة – 10 ثوانٍ – قبل أن يرد عليهم.
هذه هي نفس الطريقة التي تستخدمها الحيتان في التواصل مع بعضها البعض. يمكننا القول إنها الطريقة المهذبة في الحديث مع الآخرين، عندما تنتظر الطرف الآخر حتى ينتهي من الكلام قبل أن ترد عليه. لكن الحيتان تظهر أدباً أكثر، لأنها ترد في نفس الوقت الذي استغرقه الطرف الآخر للرد. فإذا رددت عليها بعد 10 ثوانٍ، سترد عليك بعد 10 ثوانٍ بالضبط! وإذا رددت بعد دقيقة، سترد بعد دقيقة، وهكذا. وهذا أمر مذهل بالفعل.
مع نجاح مكالمة الاتصال الأولى، أجرى العلماء 35 محادثة كاملة مع الحوت، والمدهش أن الحوت “توين” كان يتجاوب مع كل محادثة منها ويرد عليها!
دور الذكاء الاصطناعي
حتى هذه المرحلة، يبدو الأمر مميزاً ولكنه ليس إنجازاً استثنائياً، لأن كل ما فعله العلماء هو تسجيل أصوات الحيتان وإعادة تشغيلها دون فهم محتوى الكلام بالضبط. يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك عن طريق تسجيل صوت قطة أو كلب على هاتفه وتشغيله مرة أخرى، وسيتجاوب الحيوان دون أن يفهم الإنسان ما يُقال.
لكن ما أحدث الفارق في هذه التجربة هو استخدام الذكاء الاصطناعي.
فباستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، استطاع العلماء تطوير طرق جديدة لفهم لغة الحيتان. قاموا بتطوير برنامج ذكاء اصطناعي يُسمى CETI (مبادرة ترجمة الحوتيات)، وهو مشروع مشترك بين جامعة كاليفورنيا في ديفيس ومؤسسة ألاسكا للحيتان ومعهد SETI وغيرها من المؤسسات.
يهدف هذا البرنامج إلى تحليل أغاني الحيتان وتحويلها إلى لغة بشرية يمكن فهمها. ويستخدم البرنامج تقنيات متقدمة مثل التعلم العميق والتعلم التلقائي والتعلم التعاوني لتحسين قدرته على الترجمة.
أول خطوة يقوم بها الذكاء الاصطناعي هي تحويل الترددات الصوتية للحيتان إلى رموز رقمية يمكن تخزينها ومعالجتها لاحقاً. ثم يصنف هذه الرموز الرقمية إلى فئات مختلفة بناءً على نوع الحيتان ومجموعتها والسياق الذي حدثت فيه هذه الأصوات.
بعد ذلك، يبحث الذكاء الاصطناعي عن أنماط متكررة في الرموز الرقمية التي تشير إلى وحدات لغوية ذات معنى واحد، ويحاول تفسير هذه المعاني إلى وظائف وقواعد لغوية للحيتان استناداً إلى نظريات اللغويات والاتصالات وعلم الحيوان.
وبذلك، سيكون لدينا قريبًا فهم كامل للقواعد اللغوية الخاصة بالحيتان، وسنتمكن من معرفة ما تقوله بسهولة. وليس ذلك فحسب، بل سنتمكن أيضاً من التواصل معها وإعطائها أوامر كما حدث في التجربة، ولكن هذه المرة سنفهم بالضبط ماهية الأوامر التي نعطيها لها.
العلاقة بين فهم لغة الحيتان والتواصل مع الكائنات الفضائية
ما علاقة فهم لغة الحيتان وإجراء محادثة معها بالتواصل مع الكائنات الفضائية؟
يجيب “لورانس دويل”، الباحث الرئيسي في معهد SETI والمؤلف المشارك في هذا البحث، بأن سلوك الحوت “توين” قد يكون أقرب للطريقة التي يمكن أن تحاول بها الأجناس الفضائية الذكية التواصل مع البشرية.
وقال دويل في بحثه إن أحد الافتراضات المهمة للبحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض هو أن الكائنات الفضائية ستكون مهتمة بإجراء اتصالات مع البشر، وبالتالي ستستهدف أجهزة الاستقبال البشرية مثل الأقمار الصناعية وغيرها من أجهزة الاستقبال.
يعمل دويل وزملاؤه في SETI مع خبراء الحيتان والحيوانات في جامعة كاليفورنيا في ديفيس ومؤسسة ألاسكا للحيتان على تصميم “فلاتر ذكية” تساعدهم في بحثهم عن الذكاء خارج كوكب الأرض.
وقال دويل لموقع “بيزنس إنسايدر”: “إذا كانت هناك كائنات فضائية ترسل إلينا إشارات وتحاول التواصل معنا، فقد نفقد هذا الاتصال إذا لم نكن نعرف ما نبحث عنه.”
ومن خلال إتقان هذه المرشحات الذكية، سيتمكن العلماء من تصفية الإشارات واستخدامها لتحديد الإشارات الذكية القادمة من الفضاء في محاولة لإجراء أول اتصال مع كائن فضائي.
وأضاف دويل: “قد تكون هناك أنواع أخرى متنوعة من الذكاء على هذا الكوكب، ومن خلال دراستها، سنتمكن من فهم شكل الذكاء الفضائي بشكل أفضل، لأنه بالطبع قد لا يكون مثل ذكائنا تماماً.”
بعد نجاح هذه التجربة، يفكر العلماء في إمكانية تنفيذ تجارب مماثلة مع حيوانات ذكية أخرى على كوكب الأرض، مثل أنواع الحيتان الأخرى، والدلافين، والحيوانات آكلة اللحوم التي تتعاون في الصيد مثل الذئاب، وغيرها من الأنواع الاجتماعية مثل الفيلة والقرود.
كيف سيفيد التحدث مع الحيوانات البشرية؟
هل يمكن أن يفيد هذا الأمر البشر إذا تحقق؟
بالتأكيد، ستتغير حياتنا تماماً. تخيل لو أصبحنا قادرين على التواصل مع الدببة مثلاً، سنتمكن من استكشاف أسرار كثيرة مخفية في القطب الشمالي!
أو نستطيع معرفة الأراضي المخفية من الطيور التي لا نستطيع الوصول إليها بسبب صعوبتها الجغرافية أو التكلفة العالية أو المشقة الكبيرة للوصول إليها.
أو مثلاً، يمكن للمزارعين عقد اتفاق مع الطيور تتعاون فيه على عدم التهام المحصول أو التخلص من الآفات الضارة به، مقابل حصة معينة من الحبوب أو الغلال يقدمها المزارع لها.
تخيل أيضاً استكشاف البحار والمحيطات التي لا نعرف عنها الكثير، لو اتفقنا مع الحيتان والأسماك التي تعيش فيها، وتوصلنا للكنوز الغارقة في أعماقها، أو حتى العثور على الموارد النادرة على اليابسة مثل الذهب وما شابه، والتي قد توجد بكثرة تحت أسفل هذه البحار!
ستكون هناك إمكانيات لا نهائية وتعاونات خيالية مع شركائنا الذين يشاركوننا الحياة على هذا الكوكب في كل مكان حولنا، وقد كان عامل اللغة حاجزاً بيننا وبينهم. وسينتهي هذا الحاجز في المستقبل القريب، وستتمكن بكل سهولة من التحدث مع حيوانك الأليف وإخباره بهمومك، وعندها لن يتهمك أحد بالجنون.
الخاتمة
وبعد أن تعرفنا على الخطوة الجبارة التي قطعتها البشرية في تجربة التواصل مع الحيتان، وبداية طريق التحدث مع الحيوانات وكيف خطونا معاً أول خطوة في طريق التواصل مع الكائنات غير البشرية، نود أن نعرف رأيك:
لو أصبحت قادراً على التواصل مع الحيوانات، أي حيوان ستختار للتواصل معه؟ وماذا ستقول له؟ أو ماذا ستطلب منه؟
وفي النهاية، لا تنسَ أن تترك تعليق على المقال إذا أعجبك، وأن تشترك في النشرة الأخبارية وتفعّل زر الإشعارات حتى يصلك كل المحتوى الجديد، ولا يفوتك أي جديد.. وتستطيع أن تقرأ مقال أخر من هنا الآن.
وألقاك في المقال القادم.
الأسئلة الشائعة حول التواصل مع الحيوانات.
- هل يمكن للبشر فعلاً التحدث مع جميع أنواع الحيوانات في المستقبل؟ نعم، تشير الأبحاث الحالية إلى إمكانية تطوير تقنيات تسمح بالتواصل مع مجموعة متنوعة من الحيوانات، خاصة الأكثر ذكاءً منها.
- ما هي الحيوانات الأكثر ذكاءً التي يمكن التواصل معها؟تعتبر الحيتان والدلافين والقردة العليا والفيلة من بين الحيوانات الأكثر ذكاءً التي تمتلك أنظمة تواصل معقدة يمكن للعلماء محاولة فك شفراتها.
- كم من الوقت سيستغرق تطوير نظام ترجمة فعال للغة الحيوانات؟ يتوقع العلماء أن يكون لدينا أنظمة أولية خلال العقد القادم، لكن التطوير الكامل قد يستغرق عدة عقود حسب تعقيد لغة كل نوع من الحيوانات.
- هل سيساعد فهم لغة الحيوانات فعلاً في اكتشاف حياة خارج كوكب الأرض؟ نعم، فهم أنماط التواصل غير البشرية يساعد العلماء على تطوير تقنيات أفضل للبحث عن إشارات ذكية من الفضاء الخارجي وتفسيرها.
- هل هناك مخاطر أخلاقية من التواصل مع الحيوانات؟ نعم، قد تثار أسئلة حول استغلال الحيوانات وحقوقها بمجرد أن نتمكن من التواصل معها، وستحتاج المجتمعات لوضع قواعد أخلاقية جديدة.
- ما هي المجالات التي ستستفيد أكثر من التواصل مع الحيوانات؟ البيئة والحفاظ على الأنواع، والبحث العلمي، والزراعة، واستكشاف البيئات القاسية، والسياحة البيئية، كلها مجالات ستشهد تحولات كبيرة.
المصادر
Scientists talk to whales for the first time in groundbreaking study | Trendy Digests