الحلقة التاسعة من الجزء الأول من العابث
مَنْ لم يتملَّكه الغرور .. لم يَذُقْ طعم النجاح
شعر آدم بالاندهاش .. لماذا وضعه الحراس بداخل السجن .. لماذا لم يسلموه للشرطة لكي يحاكموه؟ هل سيسجنونه بدون محاكمة؟ ولو فعلوا ذلك .. إذًا متى سيخرج؟ وكيف سيعلم أي شخص عن وجوده هنا؟ كيف سيتصل بالسفارة المصرية؟ ما هذا الجنون الذي يعيشه الآن؟ يجب أن تخرجوني من هنا .. ظل آدم يصرخ بذلك وهو يبحث عن الحراس .. لكي يعيدوه إلى جوزبير لكي يسلمه للشرطة .. ولكنه لاحظ شيئًا غريبًا للغاية .. باحة السجن بأكملها لا يوجد بها حارس واحد .. كيف ذلك؟ أين ذهب الحراس الذين أتوا به منذ قليل؟ نظر حوله فوجد على بعد كبير مكان الفجوة التي صنعتها سيارته من قبل .. وقد أغلقت بالأسمنت في الحال .. ظل يصرخ: أيها الحراس .. أيها الحراس، أخرجوني من هنا .. فجأةً وجد رجلًا طاعنًا في السن بلحيته الخفيفة البيضاء وأسنانه الناخرة الغائرة .. يشير إليه بأصابعه الثلاث ويحدثه بالإسبانية .. ” جبروزا .. جبروزا .. لاسبانيتا .. جبروزا .. ترايز دياز .. ترايز دياز ..” ويشير إليه بأصابعه الثلاث .. فنظر إليه آدم مستغربًا .. وحدثه بالإنجليزية .. “هل تعلم من أنا يا سيدي؟ هل تحدثني؟ ماذا تقصد بثلاث؟ ماذا تقصد ..؟”
**

وظل آدم يشير إليه على أصابعه الثلاث .. فحدثه الرجل فجأةً .. “ابث .. ابث .. ” ويشير إليه بأصابعه الثلاث .. اندهش آدم من كلام الرجل .. هل يقصد العابث؟ بالطبع أكيد .. لا يوجد تفكير منطقي آخر غير ذلك .. ماذا يقول العابث؟ ماذا يقول؟ ماذا يعني بثلاث؟” ظل آدم يصرخ على الرجل الذي ابتعد عنه وبدأ يركض بعيدًا وهو يشير إليه بثلاث أصابع .. وبدأ آدم بمطاردة الرجل العجوز .. ولكنه تعثر وسقط أرضًا عندما وضع أحد المساجين قدمه أمامه .. نظر آدم إلى السجين الذي أسقطه فوجده ضخمًا يضع الوشوم على كتفيه ويده .. وله لحية كبيرة خفيفة على وجهه، ونظر إلى آدم شزرًا .. وعلم آدم في الحال أن ذلك السجين يريد أن يتعارك معه .. ولكن آدم ابتعد عنه وحاول أن يطارد الرجل العجوز فوجد أمامه سجينين آخرين يحاصرانه بجوار السجين الضخم .. علم آدم أنه الآن سوف يضرب بالتأكيد .. نظر بطرفي عينيه حوله ليرى الحراس .. لكنه لم يجد أي حارس على حدود السجن بالكامل .. نظر آدم إلى المساجين المحيطين به وحلل الموقف في الحال .. ثلاثة مساجين أحدهم ضخم البنية وقويها.. أما الآخران فبنيتهما من ضعيفة إلى متوسطة .. كان هناك حلان في رأسه ..الأول .. أن يتعارك معهم .. حلَّل المعركة في الحال .. إنها سهلة سوف تنتهي خلال خمس ثوانٍ .. أولًا .. سوف يوجه ضربة سيف بجانب يده إلى حلق الشخص الضخم .. فيشعره بالصدمة والمفاجأة، ويمنع عنه الهواء والتنفس عن طريقه ضربه للقصبة الهوائية .. فسيمسك السجين رقبته بيده الاثنتين كرد فعل تلقائي ليحمي رقبته، ولكن بعد فوات الأوان .. وسيظل في حالة صدمة وشلل عن التفكير لمدة عشر ثواني .. سأوجه خلالها لكمةٍ في فُم معدة السجين الذي على يميني .. فيمر بنفس مراحل السجين الأول ويمسك معدته بيده الاثنتين .. وأضربُ الثالث بمرفقي الأيمن في أنفه .. ثم أتابعه في لكمةٍ في معدته .. ثم أعود إلى السجين الأول وألكمه في جانب كليته اليُمنى .. ثم لَكَمه في وجهه من الجهة اليُمنى ليسقط على الأرض مصابًا بارتجاج في المخ .. والثاني والثالث أسحبهم من أعناقهم إلى أسفل وأضربهم بركبتي في وجههم بقوة وعنف ويسقط الثلاثة في أقل من خمس ثوانٍ .. ولكن المعضلة هنا .. أنني لا أعلم وضعهم في السجن .. وكم يملكون من الأصدقاء .. حتى إذا استطعت أن أهزم أصدقاءهم .. فسوف تُسلط العيون عليَّ كأحد القوى الجديدة داخل السجن .. وسيتحالفون للقضاء علي هذه القوة الجديدة .. وهذا أسوأ خيار لي حاليًا .. الخيار الثاني .. أن أدعهم يضربوني .. وكما يقال: “علقه تفوت ولا أحد يموت .. ” وبذلك أظهر بمبدأ الضعيف.. وذلك الموقف سوف يجعلني في موقع التابع المضطهد في تلك البيئة .. وذلك سيئٌ أيضًا ولكن .. أستطيع أن أنجو فترة أكثر أكتسب من خلالها الخبرة للنجاة في ذلك المكان .. إذًا هو الخيار المتاح أمامي الآن .. إذًا يجب أن أتركهم يضربونني ولكن بطريقة تجعلني أحافظ على أعضائي الداخلية بدون أي ضرر .. سوف أستخدم معهم طريقة دفاع السيستيما الروسية .. فرياضة السيستيما Systema .. هي رياضة فنون قتالية تستخدمها القوات الخاصة الروسية .. وتنقسم إلى عدة أنواع هجومية ودفاعية .. والجزء الدفاعي منها قائمٌ على مبادئ فيزيائية بسيطة، ولكن قوية للغاية .. وذلك عن طريق تغيير مسار الهجوم الذي سيصيبك .. إذا كانت ستصيبُك لكمةٌ في معدتك مثلًا من جهة اليمين فتقوم بالميل إلى اليمين، أنت أيضًا مع مسار اللكمة .. فتصلك اللكمة بعد أن حرفت مسارها بجسدك .. دون أن يصيبك أيُّ ضرر منها .. وذلك ما فعل آدم في الحال عندما قام السجين الضخم ببدء مزاد الضربات على جسد آدم وهو يصرخ عليه بالإسبانية .. ” سنيور جوزبير .. يبعث لك بتحياته أيها الجرينجو .. ” .. فضربه لكمةً في وجهه بيده اليُمنى فتراجع آدم بوجهه بسرعة جهة الخلف في نفس مسار لكمه الرجل الضخم .. فلم تكد اللكمة تلمس وجه آدم، وتصنَّع آدم الألم وسقط على الأرض .. لأن في علم نفس الفنون القتالية عندما يسقط الشخص الذي أمامك على الأرض .. يبدأ المنتصر يشعر بالزهو من قوته .. وتقل ضرباته تلقائيًّا مع كل هجوم يقوم به على الشخص الذي أمامه .. وبدأ آدم بوضع مرفقيه بجانب كليتيه ووجهه بين قبضه يديه ليحميها وضم ركبتيه على بطنه ليحمي أعضاءه الداخلية وتركهم يضربونه حتي يشعروا بالرضاء عن أنفسهم .. ظلوا يركلونه في يديه وساقيه كما خطط آدم بالضبط، وظلوا يركلونه مدة لا تزيد عن دقيقة وبضع ثوانٍ .. وحينها تدخل فجأةً أربعة مساجين وأبعدوهم عن جسد آدم الممدد على الأرض .. فرفع آدم وجهه إلى أعلى ليرقب ما يحدث وهو يتصنع الألم، ويمسك بأنحاء مختلفة من جسده، فوجد أربعة مساجين أقوياء البنية يقفون أمام المساجين الذين كانوا يضربونه منذ قليل وبدؤوا يتجادلون مع بعضهم البعض .. حينما وجد فجأةً شخصًا يضع يده على كتفه .. فنظر إليه آدم بسرعة وهو مفزوع فوجده فرنناندو .. تحدث إليه بإنجليزيته الكسيحة وهو يطمئنه ويحاول أن يوقفه .. راقب آدم رفاق فرننادو وهم يتجادلون مع مساجين جوزبير قليلًا .. ثم انتهى الجدال بانصراف مساجين جوزبير وهم غاضبون .. ثم عاد الرجال إلى فرننادو وتحدثو معه بالإسبانية .. ثم أشاروا إلى آدم بلهجةٍ حادةٍ أن يتبعهم .. دبَّ القلق في قلب آدم .. فهو لا يعلم عَمَّ يتحدثون وإلى أين ينون أن يأخذوه الآن .. فتحدث إلى فرننادو وهو يتبع الرجال وهم أمامه .. “من هؤلاء الذين ضربوني .. يا سيد فرننادو .. وإلى أين نحن ذاهبون الآن؟” .. فابتسم له فرننادو وحدثه وهو يربت على كتفه مطمئنًا .. ” لا تقلق أيها الجرينجو .. إن جوزبير أراد أن ينتقم منك بسبب ما فعلت معه .. ولكن لا تقلق .. جوزبير لا يتحكم بالأمور هنا داخل السجن .. ” .. ظل آدم يفكر قليلًا في كلامه .. ثم أتبعه بسؤاله مرةً أخرى .. ” حسنا لم تخبرني من هؤلاء الرجال .. وإلى أين نحن ذاهبون الآن؟” .. فابتسم له فرننادو ابتسامة صفراء باهتة ..” لا تقلق أيها الجرينجو .. سوف تعلم الآن كل شيء .. “
ياترى ماذا سيحدث لآدم بداخل سجن لاسبانيتا أسواء سجن في العالم؟
✍️ اكتب ماذا تعتقد في التعليقات قبل أن تقرأ الحلقة التالية… حتى تقارن توقعاتك بما سيحدث بعد ذلك! 👇