تنبيه: كتاباتي قد تسبب إدمانًا!⚠️

الروايات تُنشر على حلقات – تابعنا يوميًا للحصول على جديد الحلقات!

الحلقة الثانية عشرة من الجزء الأول من العابث

مَنْ لم يتملَّكه الغرور .. لم يَذُقْ طعم النجاح

ورأى الطلقات على هيئة نيران مندفعة بقوة وتقترب من رأسه بطريقة التصوير البطيء .. أيقن الآن بشعور كان يراوده دائمًا أثناء أوقات مختلفة في حياته .. أنه سوف يُصاب الآن .. نفس الشعور الذي شعر به وهو يسقط من عجلته من فوق الجسر ليحطم يده اليُسرى وهو في الحادية عشرة من عمره .. أو عندما أصابته صخرة أثناء إحدى المشاجرات مع أحد أقرنائه وهو في سن الخامسة عشرة وشُجَّ رأسُه .. شعور أنك ستُصاب لا محالة .. وأنت تعلم أنك ستُصاب .. ولكن لا يوجد بيدك شيءٌ لتغيره أو تمنع هذا المصير .. هو شعورك عندما تصطدم مع القدر وتدرك أنك .. تافهٌ .. تافهٌ بدرجةٍ لم تتصورها من قبل .. راود ذلك الشعور آدم وهو يعلم أن يد القدر الآن قد رُفعت لتصفعه، ولا يوجد في جعبته  الآن .. إلا أن يتلقى تلك الصفعة ويحاول أن ينتهي من شعور الألم ذلك سريعًا .. اخترقت الطلقة في الحال هدفها .

سجن لاسبانيتا

سجن لاسبانيتا

الحائط خلف آدم .. فلقد أخطأته الرصاصة .. ولم يخطئه القدر .. فهو لم تحن نهايته بعد .. اخترقت الرصاصة الحائط خلفه، ولكن بعد أن مرت بجواره وحفت بأذنه .. ألمٌ شديد اخترق رأسَه .. أشبه بصدمةٍ كهربائية تملكته في تلك اللحظة .. أذنه أشعرته بألمٍ شديد ..  حاول أن يتحرك من مكانه مبتعدًا عن مطلق النيران .. لكنه شعر بأنه لا يميز يمينه أو يساره .. فبداخل الأذن عظمة صغيرة هي التي تجعل الإنسان يدرك ما حوله، وإن حدث شيءٌ في أذنه يفقد تلك القدرة علي الإدراك المكاني ..وبدونها لا يعلم  الشخص رأسه من قدمه .. وهذا ما قد حدث مع آدم  الذي فجأةً سقط على الأرض  .. لا يعلم أين هو أو ما يحدث .. لقد شعر بتشوُّش كبير ..لم يفهم أي شيءٍ .. أو يرى أي شيء .. فجأةً سمع صوتًا ضخمًا للغاية يمرُّ بجواره .. ثم صوتَ انفجارٍ كبيرٍ للغاية .. فرفَعَ رأسَه بتلقائيةٍ شديدة ليرى ما يحدُث .. فوجد النافذة التي كان يطلق منها الرجل النيران قد احترقت ودُمرت بشكل كبير .. ونظر بجواره فوجد أحد الرجال الذي كان معه منذ قليل عند سيزر يحمل بازوكًا صغيرة فوق كتفه .. ويبدو أنه أطلق صاروخًا من تلك البازوكا على النافذة التي تأتي منها النيران .. نعم بازوكا في السجن .. ولكن ليس هذا ما جعله يشعر بالاندهاش .. بل رؤيته لسيزر وهو يقف في إحدى النوافذ من البناية التي يسكن بها وهو يضحك ويشير لرجاله ويضحك على النافذة التي تحطمت واحترقت .. ثم نظر إلى آدم  وهو مُلقًى على الأرض .. وصرخ بصوت عالٍ .. ” هولا .. دي لاسبانيتا .. جرينجو .. ” وأشار إليه بعلامة OK  .. وهو يبتسم .. هنا لم يسعف عقل آدم أن يتناول كل تلك الأحداث وغاب عن الوعي في الحال ..  

*****

برؤية ضبابية مشوشة.. فتح آدم عيننه ببطء ليجد نفسه جالسا في غرفة مملؤة بالمساجين .. ويقف بجواره فرننادو   وشخص اخر يقف معه .. ابتسم فرننادو عندما وجد آدم استعاد وعيه وضربه في كتفه وضحك ساخرًا .. ” فايت .. فايت .. جرينجو .. ” .. وقف آدم سريعًا .. ولكنه شعر بألمٍ شديد في جهة أُذنه، فوضع يده عليها متألِّمًا بشدة .. ووجد فكه قد تورَّمَ قليلًا وأذنه قد أُصيبت بحروق كبيرة .. إذًا لقد احتكت الرصاصة بأذنه من بعيد وأصابته بكل تلك الإصابات والآلام .. ما بالك لو كان أُصيب بها بالفعل! نظر حوله بسرعة فوجد نفسه في زنزانة سجن طولها 4 أمتار تقريبًا .. وبداخلها أكثر من 30 مسجونًا .. ومنزوعة القضبان، والمساجين ينامون في كل مكان بشكل عشوائي ومتكدسين فوق بعضهم البعض .. فنظر آدم إلى فرننادو وحدَّثه متسائلًا .. “أين أنا الآن؟” .. فسحب فرننادو آدم من أنفه مُمازِحًا .. فتراجع آدم للخلف وهو يبتسم بضيق .. فحدثه ضاحكًا .. “أنت في الجناح الخاص بك سمو الأمير ..” .. نظر إليه آدم مُستنكرًا .. ” ماذا تعني؟ أني سوف أنام هنا؟” .. فهز فرننادو رأسًه مبتسمًا .. “نعم أيها الجرينجو .. هذا هو مقرك الدائم الآن أيها الجرينجو .. سوف تمكث هنا وسط هؤلاء الفتيات القبيحات .. ” .. نظر آدم حوله في الزنزانة فلم يجد مكانًا لموضع قدم .. فكيف سينام هنا .. فحدثه متسائلًا .. “ماذا عن الغرف والأماكن التي رأيتها في قطاع G8  .. ألا يمكنني المكوث هناك ؟”

فضحك فرناندو وهو يشير إليه بعلامة النقود “ماني .. دينارو .. جرينجو.. الحياة داخل سجن لاسبانيتا مثل الحياة بالخارج بالضبط .. إذا كنتَ تملك نقودًا .. تستطيع أن تسكنَ وتنامَ في مكان مريح .. أما إذا كنتَ فقيرً ولا تحمل أموالًا .. فيجب أن تعيش مثل باقي المساجين .. تأكل أكل السجن .. وتنام في هذه الزنازين القذرة” .. فحدثه آدم بضيق  شديد .. “ولكن أنا ليس معي نقود الآن .. لقد أخذ جوزبير وجنوده كل ما أملكُ حتى ملابسي سرقوها .. ماذا أفعل الآن؟” .. ابتسم فرناندو ابتسامة صفراء وهو يهز كتفه بلا مبالاة .. “هذه ليست مشكلتي أيها الجرينجو .. كان يجب أن تعلم أنك سوف تلاقي الجحيم داخل سجن لاسبانيتا قبل أن تقتحمه”، وأشار فرننادو إلى الشخص الذي يرافقه وهمَّا بالمغادرة .. فامسكه آدم من يده وحدَّثه بترجٍّ ..”أرجوك يا فرنناندو ساعدني .. يجب أن أخرج من هنا بأي وضع”.

نظر إليه فرناندو بجدية .. “هذا مستحيل يا صديقي .. سيذر هو الحاكم الفعلي هنا بداخل السجن .. وإذا لم يصرح لك بأن تخرج .. فلن تخرج .. ولن يستطيع أحد آخر أن يُساعِدَك في الهروب ويجعل نفسه عُرضةً لغضب سيذر من أجلك .. لا تشعر بالسوء من حديثي .. إني أتحدث بالحقيقة .. فأنت بالنسبة لنا بالنهاية مجرد .. جرينجو .. ” ثم أعطا ظهره وانصرف هو ورفيقه وتركا آدم واقفًا وحيدًا في قلب الزنزانة .. ساهمًا  .. واجمًا .. حاولَ أن يتحرك في قلب الزنزانة فتعثر ببعض المساجين النائمين فصرخوا به بغضب شديد .. تأسف لهم آدم واعتذر في الحال .. فهو لا يريد أن يفتعل مشكلات جديدة هو في غِنًى عنها الآن .. ونظر حوله متأمِّلًا يبحث عن أي مكانٍ يستطيع أن ينام به .. فلم يجد غير مكان صغير للغاية بجوار المرحاض المكشوف بالزنزانة .. هو المكان الوحيد الشاغر الآن ..  تردد قليلًا وهو ينظر إلى ذلك المكان القذر .. ولكنه اتجه إليه بالنهاية وهو يحمل قطعة كرتون ممزقة وجدها في أحد الأركان البعيدة .. فوضعها أسفل منه ونام بجوار المرحاض الذي انتشرت رائحته الكريهة لتزكم أنفه .. استند على يديه ووضعهما خلف رأسه وهو يتألم من بعض الكدمات التي صاحبت جسده في نهاية ذلك اليوم، والألم الشديد الذي صاحبَ فكَّه وألم أذنه .. تكالبت عليه آلام جسده بأكملها في تلك اللحظة .. لا يعلم لماذا تذكر نفسه وهو في سريره الدافئ يأكل ما يشاء وهو يشاهد تلفازه الضخم ويشرب المياه المعدنية الباردة المعطرة بأوراق النعناع الأخضر وقطع الخيار الطازجة .. ثم تذكَّر وقفته في نهار ذلك اليوم فوق مسرحه الخاص يعرض ساعته الوميض وسط أصداء التصفيق الحار وصيحات التشجيع والابتسامات الودودة وضحكات النساء الرقيقة .. وقارن بين كل ذلك وبين نومته الآن في سجن يحكمه المساجين في دولة غريبة في وسط أناس غرباء .. ينام فوق قطعة كرتون قديمة .. بجوار مرحاض قذر وجسده يشكو الآلام التي تلقاها من ضرب الحراس والمساجين له على حدٍّ سواء .. وقلبه يُعتصر ألمًا من الإهانات والصفعات التي تلقاها من بين حثالة البشر في العالم .. في الوقت الذي كان زعماء ورؤساء العالم يدعونه لديهم ويكرمونه بينهم .. وظل مشهد الجنود وهم يتكالبون عليه ويسحبون منه ملابسه، وجوزبير وهو يرتدي خاتمه المصباح بالرغم عنه لا يفارق ذهنه وتفكيره .. ولأول مرة منذ زمن طووووووووويل للغاية يجد آدم نفسه يبكي بحرقة شديدة .. يبكي بكاء .. لم يكن يتصور في يوم من الأيام أن يبكيه رجل في مثل عمره .. وعلم أن مقولة دوام الحال من المحال .. هي مقولة حقيقية .. حقيقية للغاية .. غطى آدم عينيه بيده وظل يبكي ويبكي .. وهو يتذكر اعتداده بنفسه وفخره بنجاحاته وذكائه .. وما بين وضعه الحقير الذليل الآن .. لقد تعلم درسه وبشكل قاسٍ للغاية .. أنه مهما تكن درجة الإنسان ومكانته .. فإنه بالنهاية .. شيء تافه .. شيء تافه للغاية .. 

****

ياترى ماذا سيحدث لآدم بداخل سجن لاسبانيتا أسواء سجن في العالم؟

✍️ اكتب ماذا تعتقد في التعليقات قبل أن تقرأ الحلقة التالية… حتى تقارن توقعاتك بما سيحدث بعد ذلك! 👇

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x