الحلقة الحادية عشرة من الجزء الأول من العابث
مَنْ لم يتملَّكه الغرور .. لم يَذُقْ طعم النجاح
.. شعر آدم بالصدمة من رد سيزر الغريب .. ” ماذا تعني يا سيدي؟ هل هناك شخص لا يحب الحرية .. ويرغب أن يعيش بداخل أسوار السجن وتحت رحمة السجان؟”اعتدل سيزر في جلسته وهو ينظر إلى آدم بنظرات كلها حدة .. “أنت أيها الجرينجو .. لا تعلم نظامنا في سجن لاسبانيتا .. نحن في لاسبانيتا .. مَنْ نحكم .. المساجين هنا لهم كل الحرية في أن يفعلوا ما يريدون، ليس لأحد أي سُلطةٍ علينا .. ولا جوزبير .. أو غيره .. لا يجرؤ أحد من الحرس أن يطأ أرض لاسبانيتا بدون إذن منا .. وطبعًا نحن المساجين وضعنا قوانين لكي نحكم نفسنا في ذلك السجن لا أحد يخترقها .. وأنا الآن سيذر دي جوانتو .. الحاكم الفعلي لسجن لاسبانيتا .. أقوم بممارسة أعمالي وتجارتي هنا من داخل السجن .. أتعلم ما أجنيه هنا من تجارتي بداخل السجن .. ” وقام سيزر برفع إبهامه وسبابته أمامه وظلَّ يحركهما بعلامة عَدِّ النقود .. “إني أتحصل على أكثر من 300 مليون دولار خلال العام الواحد .. أتحصل على أجمل النساء وأغلى أنواع الشراب .. وأفخر أنواع السيجار الكوبي .. ملابسي تصلني من باريس، وأحذيتي من لندن .. وطعامي من إيطاليا .. أعيش في قلعتي وسط رجالي .. دون أن أضع نفسي في منافسةٍ مع أحد .. أو تنافر مع عصابات أخرى .. لماذا أعيش خارج السجن .. والسجن هنا .. هو الجنةGangster’s paradise .. هنا جنه العصابات .. هنا سأعيش حتى أموت .. ولن أخرجَ من ذلك السجن أبدًا .. ” .. شعر آدم بالصدمة من كلام سيزر، فهو لم يكن يتوقع قط أن هناك أُناسًا يفضلون الحياة بداخل السجن ولا يريدون العيش خارجه .. وعلم الآن لماذا جوزبير كبير الحرس كان يضحك عليه وأخبره أنه يكذب عندما قال له إنه سوف يهرب سيذر دي جوانتو .. شعر آدم باليأس يملأ عقله .. فخططه كلها تحطمت على صخرة الواقع .. ماذا يفعل الآن؟ وكيف سيتصرف؟ فجأةً لمح الهاتف المحمول بطرف عينه .. فابتسم وردت له الحياة مرة أخرى .. فاذا استطاع أن يخبر أي شخص بالوضع الذي هو به الآن .. فإنه بالتأكيد سوف يستطيع الخروج من هنا .. فهزَّ رأسه وهو مبتسم إلى سيزر وحدَّثه بالإنجليزية وترجم فرننادو ما يقول في الحال .. “إني قد تفهمت وضعك الآن سيد سيزر .. وأريد أن أبلغ المنظمة بموقفك الآن، فهل تسمح لي باستخدام هاتفك لكي أحدثهم .. ” .. رفع سيذر الهاتف بيده وابتسم بسخرية، وظل يشير إلى آدم بشيءٍ من الحدة .. ” بالطبع تستطيع أن تستخدم الهاتف .. ولكنه الآن بلا فائدة لأن جوزبير قطع الإشارة من برج الاتصالات .. عقابًا على محاولة بعض المساجين الهرب بسبب ما فعلته أنت .. ” .. شعر آدم باليأس مرة أخرى من سماع تلك الأخبار .. حتى الاتصالات لن يستطيع أن يقوم بها من داخل السجن .. لكن أخرجه من حالته تلك رؤية سيزر وهو يترك مكانه، ويأخذ مسدسًا كبيرًا من أحد رجاله ووضع فوهته أسفل رقبة آدم .. الذي شعر بالخوف والرهبة الشديدة من فعل سيزر الفجائي ذلك .. وبدأ يحدث آدم بنبرةٍ حادةٍ وغاضبة وفرننادو يقوم بترجمة حديثه .. “إذًا أنت خبير في الهروب من السجون .. حسنا فلتسمعني جيدًا أيها الجرينجو .. لا شيء ممنوع هنا في سجن لاسبانيتا.. لا شيء .. إلا شيئًا واحدًا .. وهو الهروب .. هناك اتفاق بيني وبين جوزبير .. أن يترك ما يحدث في لاسبانيتا لسكان لاسبانيتا .. في مقابل أن أمنع هروب أي شخص من ذلك المكان .. كان هناك محاولة فاشله للهروب من داخل السجن منذ بضع سنوات وقتل بها أكثر من 500 شخص .. وحدثت جلبة كبيرة للحكومة الفنزويلية، ووضع العالم أنفه في شؤوننا .. وصدقني لا أحد يرغب في أن يضع شخص آخر أنفه في شؤونه .. الحياة التي نعيشها الآن .. اكتسبناها بعد معارك طويلة وشاقة .. ولن أسمح أبدًا بأن أتنازل عنها بسبب أي شخصٍ .. لقد حميتُك من جوزبير .. لأنه أعجبتني شجاعتُك في اقتحام السجن .. ولكن من هذه اللحظة لن أسمح بأي محاولة منك للهروب من داخل أسوار ذلك السجن .. سوف أقتلك بالطبع .. ولكن بعد أن أجعلك تتمنى أن تموت ممَّا سوف يحدث لك .. هل نحن متفقان أيها الجرينجو .. “

.. ابتلع آدم ريقه بصعوبة وهز رأسه بالموافقة على كلام سيزر .. الذي تركه وعاد إلى مقعده مرةً أخرى، وأشار إلى رجاله الذين اصطحبوا آدم وخرجوا به إلى خارج المبنى بسرعة .. تحرَّك آدم إلى خارج مبنى سيزر وهو يشعر بالاندهاش ممَّا حدث له .. لا يدري ماذا يفعل أو كيف يتصرف .. وفجأةً سمع صوت إطلاق النار يحدث بكثافة .. فاختبأ رجال سيزر في الحال وهم يهربون من ضرب النيران .. وقف آدم بمفرده مذهولًا وهو يسمع صوت إطلاق النيران ويرى رجال سيزر وهم يهربون ويتركونه بمفرده .. ثم سمع صوت إطلاق النيران يأتي من أعلى جهة اليسار .. فنظر الي هذه الجهه بسرعة .. فوجد رجل يحمل سلاح الكلاشنكوف ويقوم بإطلاق النيران بعشوائية .. فراي الرجل آدم ينظر اليه .. فجن جنونه وبدأ بإطلاق النيران جهة آدم .. فركض آدم بسرعة، وظل يبحث عن مكان يختبئ به، فرأى احد المنازل الصغيرة بالقُرب منه، فركضَ بسرعة شديدة وصوت طلقات النيران تصم أذنه، واختبأ في أحد أركان المنزل بجهةٍ غير ظاهرةٍ لمُطلِق النيران .. فجأةً بدأ بعض رجال سيزر بإطلاق النيران بعشوائية على أي شيء أمامهم .. وتعالت أصوات صراخ النساء وبكاء الأطفال بداخل المنازل وفوق أسطح البيوت .. ومن داخل المنزل الذي يختبئ آدم بجواره .. سمع آدم صراخ النساء، فبدأ يشعر بذعر شديد جدًّا .. لم يشعر به في حياته .. حتى عند مواجهته للأسود من قبل .. لا يعلم لماذا .. شعر بخوف النساء والأشخاص من حوله، وقد تسلَّل خوفهم إليه .. لم يكن يعلم أن الخوف مُعدٍ بهذه الطريقة .. فشل عقله وتفكيره .. وقرَّر أن يخرج من مخبئه ليتخلص من شعور الخوف الرهيب ذلك .. وبالفعل ركض لا يعلم أين يذهب وإلى أين يختبئ .. ليجد نفسه فجأةً أمام مطلق النيران ينظر إليه من النافذة، وعلى وجهه ابتسامة كبيرة .. ابتسامة الظفر .. تجمد آدم في مكانه من نظرات الرجل له وهو يسحب الزناد ويطلق عليه النيران، وبالفعل رأى الطلقات وهي تخترق الهواء في بطء شديد متجهة بسرعة إلى أنحاء جسده المختلفة لتخترقها وتمزقها .. ورأى الطلقات على هيئة نيران مندفعة بقوة وتقترب من رأسه بطريقة التصوير البطيء .. أيقن الآن بشعور كان يراوده دائمًا أثناء أوقات مختلفة في حياته .. أنه سوف يُصاب الآن .. نفس الشعور الذي شعر به وهو يسقط من عجلته من فوق الجسر ليحطم يده اليُسرى وهو في الحادية عشرة من عمره .. أو عندما أصابته صخرة أثناء إحدى المشاجرات مع أحد أقرنائه وهو في سن الخامسة عشرة وشُجَّ رأسُه .. شعور أنك ستُصاب لا محالة .. وأنت تعلم أنك ستُصاب .. ولكن لا يوجد بيدك شيءٌ لتغيره أو تمنع هذا المصير .. هو شعورك عندما تصطدم مع القدر وتدرك أنك .. تافهٌ .. تافهٌ بدرجةٍ لم تتصورها من قبل .. راود ذلك الشعور آدم وهو يعلم أن يد القدر الآن قد رُفعت لتصفعه، ولا يوجد في جعبته الآن .. إلا أن يتلقى تلك الصفعة ويحاول أن ينتهي من شعور الألم ذلك سريعًا .. اخترقت الطلقة في الحال هدفها .
ياترى ماذا سيحدث لآدم بداخل سجن لاسبانيتا أسواء سجن في العالم؟
✍️ اكتب ماذا تعتقد في التعليقات قبل أن تقرأ الحلقة التالية… حتى تقارن توقعاتك بما سيحدث بعد ذلك! 👇