تنبيه: كتاباتي قد تسبب إدمانًا!⚠️

الروايات تُنشر على حلقات – تابعنا يوميًا للحصول على جديد الحلقات!

الحلقة الخامسة عشرة من الجزء الأول من العابث

مَنْ لم يتملَّكه الغرور .. لم يَذُقْ طعم النجاح

.. بدأ آدم التفكير بعمق شديد ليجد حلًّا للورطة التي وُضِعَ به الآن .. لكن قطع تركيزه ذلك شخص طاعن في السن بشعر أبيض طويل، ويقترب منه بسرعة شديدة للغاية، وعلى وجهه ابتسامة كبيرة .. لم يشعر آدم بالرجل إلا عندما وجده أمامه ويضع يده اليُمنى على وجهه .. ثم وضع العجوز يده اليُسرى في جيبه بسرعة .. فتوقع آدم في الحال الأسوأ .. وظن أن تلك نهايته الآن .. ويا للسخرية القدر من رجل عجوز ليس له حول ولا قوة! أغلق آدم عينيه بخوف وهو يرى الرجل يرفع يده بسرعة من جيبه ويحمل بها شيئًا ويتجه بها إلى رأسه .. فاستسلم بأسًى وتمنى أن ينهي العجوز طعنه بسرعة وألا يشعر بالألم .. ولكنه بدلًا من ذلك أحسَّ شعورًا غريبًا للغاية جهة فمه .. ففتح عينيه بسرعة ليجد العجوز يبتسم له ويحمل بيده اليُسرى التي أخرجها من جيبه قطعة خبز ويضعها جهة فمه .. ابتسم آدم للعجوز  وتنفس الصعداء، وأخذ قطعة الخبز من العجوز .. وشكره للغاية فقام العجوز بالمسح على وجهه بيده وتركه بسرعة مثلما أتى إليه بسرعة .. وأخذ آدم يرقبه وهو يغادر مستغربًا .. كيف لعجوز مثل هذا أن يكون سريعًا هكذا؟ هل كان في شبابه البطل فلاش أسرع رجل في العالم؟ وقد كبر الآن وتقاعَد في سجن لاسبانيتا؟ وأخذ يضحك بشدة من فكرته البلهاء التي فكر بها منذ قليل .. وتذكَّر كيف أن الولايات المتحدة بأعمالها..  ما زالت تسيطر علي تفكيرنا ونمط حياتنا ..وتأمَّل قطعة الخبز في يده  لحظات.. ونظر إليها بشدة، وارتسمت على وجهه ملامح الجدية فرفعها إلى أنفه وتشممها، ثم قضمَ قطعةً صغيرة منها وتذوقها .. ويا للهول لقد كانت لذيذة للغاية! لم يعلم كيف تصبح قطعة خبز عادية مثل هذه القطعة وتكون بتلك اللذة؟! وظل يفكر في عدة نظريات وأفكار برأسه.. ولكن لم يتطرق إلى الحقيقة المجردة .. إن قطعة الخبز هذه هي أول شيء يدخل معدته منذ الأمس .. وإن الجوع دائمًا هو أفضل طباخ على مر العصور .. ظل آدم ينظر إلى قطعة الخبز باهتمام شديد، ثم نظر إلى السماء فوقه وظل يتشمم الهواء حوله .. ثم بدأ يراقب لاعبي كرة السلة وهم يرمون الكرة داخل السلة فسقطت بعض الكرات خارجها .. هنا ابتسم بشدة وبدأت تتخمر فكرة في رأسه .. وظل يجوب بعينيه جميع المساجين حوله ويُراقبهم بحرص شديد .. فوجد أحد الرجال من الذين اعتدوا عليه بالأمس من عصبة جوزبير، والرجل الضخم يتحرك من مكانه بطريقة مربية .. فظل آدم يراقبه فترةً فوجده فجأةً يتحرك مبتعدًا إلى جهة أحد الأسوار، ثم وقف على الحائط لحظاتٍ، ثم ظلَّ ينظر حوله في كل مكان، وعندما لم يلمح أحدًا يشاهده أخرج شيئًا أسود بيده كالجوارب وبه شيء ملفوف بداخله وألقاه على الأرض ثم تركه في مكانه الحالي وابتعد بسرعة وعاد إلى مكانه .. مرت عدة دقائق ثم مر أحد المساجين واستند بظهره على الحائط  .. ثم تصنَّع أنه يربط حذاءه، فأخذ الجورب الأسود، ووضعه في جيبه، ثم أخرجَ جوربًا أزرق ملفوفًا به شيءٌ أيضًا، ولكنه أضخم، وألقاه على الأرض خلفه ثم انطلق من مكانه .. عشر دقائق مرت فعاد الرجل وأخذ الجورب الأزرق ووضعه في جيبه ثم انصرف في الحال دون أن يلاحظهم أحد إلا آدم الذي ابتسم ابتسامة كبيرة للغاية ملأت وجهه سرورًا، وأخذ يُداعب لحيته فرحًا وهو يحدث نفسه .. “ها قد بدأنا يا آدم ..” فوضع قطعة الخبز بفمه وتحرك بسرعة ليبدأ خطته في الحال .. وظل يتحرك في أنحاء السجن بأكمله ويحاول أن يتلاشى تحرشات بعض المساجين به .. وظل يبحث عن فرننادو في كل مكان .. حتى وجده يحدث بعض الحرس على البوابة الفاصلة بالقطاع G8  أو قسم الطبقة المتوسطة والغنية بسجن لاسبانيتا .. فنادى عليه .. فتوجه إليه فرننادو وهو يبتسم ويحييه .. “كيف حالك أيها الجرينجو؟ هل نمت جيدًا في مكب النفايات بالأمس؟”

سجن لاسبانيتا

فتلافى آدم الردَّ على دعابته السخيفة وأمسكه من يده بقوة وسحبه بعيدًا إلى منطقة متطرفة قليلًا بعيدًا عن المساجين الآخرين .. فنظر إليه فرننادو غاضبًا .. “ماذا تريد أيها الجرينجو؟ لماذا تسحبني هكذا؟ أتريد أن تموت؟” فنظر إليه آدم بتحدٍّ وحدةٍ وتحدث بالعربية ..”أنت لا تريد الهرب من السجن لأني لم أسألك عن الدافع بعد ولكني سأفعل الآن ..” .. فنظر إليه فرناندو وحدَّثه بالإنجليزية .. ” ماذا تقول أيها الجرينجو؟ هل هذه العربية التي تحدثت بها؟ أنا لا أعلم العربية .. ماذا تريد؟ لا تُضيِّع وقتي الثمين ..” .. فحدثه آدم بجديةٍ “اسمعني جيدًا يا فرناندو .. أنا أريد أن أخرج من ذلك السجن الآن .. ” .. فضحك فرنناندو ساخرًا .. “أنت بالفعل أحمق أيها الجرينجو .. أنا لم أخبرك من قبل إذا لم يرد سيذر أن تخرج من هنا فإنك لن تخرج .. حتى لو قتلت هنا .. فسوف تدفن في لاسبانيتا وليس بخارجها .. أترغب بأن أريك المقابر هنا؟ إنها رائعة للغاية .. ” .. فحدثه آدم بصوتٍ قوي وهادئ .. ” فرنناندو .. أنا عربي .. أنا ثري .. ثري للغاية .. أموال سيذر جميعها لا تساوي مصاريف أخي الصغير في بلادنا .. أنت رأيت بالتأكيد السيارة الألمانية التي اقتحمتُ بها سور السجن .. ورأيت ملابسي التي كنت أرتديها وساعتي ذات الماركة العالمية .. وكل الأشياء التي سلبها جوزبير مني .. ” توقف فرناناندو عن الضحك، وبدأ يستمع إلى آدم بجدية، فتابع آدم حديثه  .. “أنا اقتحمت السجن هنا بسبب تحدٍّ غبي صنعته وأنا أصدقائي الأثرياء مثلي .. أنا لن أموت في ذلك السجن  .. وليس ومعي تلك النقود الطائلة .. أنت تعلم العرب كم هم أغنياء .. ” .. هز فرنناندو رأسه باهتمام ..” نعم أراكم في التلفاز .. وأنتم تقودون سيارات من الذهب الخالص، وتنفقون الأموال ببذخ شديد على الفتيات الأوربيات الجميلات .. ولكن لماذا لا يساعدك أقاربك الأثرياء على الخروج من هنا .. فأنا متأكد أنهم إذا أعطوا جوزبير المبلغ المناسب فإنه سوف يرتب عملية خروجك من هنا بكل سهولة ..” فحدثه آدم بسرعة ” إنهم لا يعلمون أني قد قمتُ بتلك اللعبة السخيفة .. وإني موجود في سجن لاسبانيتا الآن .. ألا تستطيع أن تجد وسيلة اتصال بالخارج لكي أخبرهم بوجودي هنا وسوف أكافئك بمبلغ كبير للغاية ..” هز فرنناندو رأسه نافيًا “لا نستطيع .. لقد قام جوزبير بقطع جميع الاتصالات والإنترنت عِقابًا لمحاولة بعض المساجين الهرب .. وأخبر سيذر أنه سيقطعه مدة أسبوع كامل .. وسيذر وافق حتى لا يُغضبه”.

“حسنًا، ألا نستطيع أن نخبر جوزبير أني سوف أعطيه أموالًا كثيرة للغاية إذا تركني أخرجُ من هنا”.

فابتسم فرنناندو .. “لا أحد يستطيع أن يخرج للحرس خارج  هذه الأسوار .. كنا نطلبهم عن طريق الهاتف ولا وسيلة للخروج من تلك الأسوار إلا عن طريق تحطميها وطبعًا سيذر لن يسمح بذلك .. وحتى وإن وصلنا لجوزبير وأخبرناه بوضعك .. فإنه لن يرضى بأي شكل من الأشكال أن يخرجك من هنا إلا إذا أعطيته أموالًا أولا .. وخصوصًا بعد ما حدث لأصبعه .. أنا سمعت أنه أصبح مهددًا ببتر أصبعه من يده .. وإذا حدثَ ذلك يا صديقي فأنت هالك لا محالة” .. تنهد آدم بشدة ووضع يده على كتف فرننادو، “أخبرني يا صديقي .. ما أعز شيءٍ إلى قلبك؟ ما أكثر شيءٍ تتمناه” .. ابتسم فرننادو إلى آدم:  “أنت تذكرني بالفيلم القديم .. الخاص بذلك الجني الذي يحقق الأماني .. ههههههههه .. أنا أكثر أمنية أتمناها في حياتي هيا أن يتعافى ابني ليتو .. وأن يلعب الكرة مثل أصدقائه .. وأن أشاهده يكبر ويتزوج وينجب أطفال يحملون ملامح وجهي القبيح مثله ..”                 

  “هل ابنك مريض؟”

****

ياترى ماذا سيحدث لآدم بداخل سجن لاسبانيتا أسواء سجن في العالم؟

✍️ اكتب ماذا تعتقد في التعليقات قبل أن تقرأ الحلقة التالية… حتى تقارن توقعاتك بما سيحدث بعد ذلك! 👇

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x