لماذا يتجه العلماء إنتاج أعضاء بشرية في الفضاء ؟، وماعلاقة ذلك بنظرية الإنسان السوبر!

أصبحت زراعة الأعضاء البشرية في الفضاء باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والحبر الحيوي حقيقة علمية مذهلة. مع تطور التصنيع الحيوي في بيئة الجاذبية متناهية الصغر، بدأ العلماء في ناسا بقيادة أندرو مورجان بإنتاج أنسجة وأعضاء بشرية قد تغير مستقبل الطب والبشرية.
ولكن ما السبب وراء ذلك؟ وما علاقة زراعة الأعضاء بنظرية الإنسان الخارق؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
Contents
- 1 ما هي زراعة الأعضاء؟
- 2 ما هي الأعضاء التي يمكن زراعتها؟
- 3 كيف بدأت فكرة زراعة الأعضاء في الفضاء؟
- 4 كيف تعمل الطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء البشرية؟
- 5 لماذا يتم إجراء هذه التجارب في الفضاء؟
- 6 هل تم تطبيق هذه التقنية في الواقع؟
- 7 إنجازات علمية في مجال طباعة الأعضاء
- 8 التحديات التي تواجه زراعة الأعضاء بالطباعة ثلاثية الأبعاد
- 9 لماذا نحتاج إلى هذه الأبحاث؟
- 10 زراعة الأعضاء ونظرية الإنسان الخارق
- 11 الخاتمة
- 12 مصادر:
- 13 الأسئلة الشائعة حول زراعة الأعضاء في الفضاء:
ما هي زراعة الأعضاء؟
أول شيء يجب أن نعرفه في البداية هو ماهية زراعة الأعضاء. وبشكل مبسط جداً، هي عملية عبارة عن نقل عضو من جسم إلى جسم آخر، أو نقل جزء من جسم المريض إلى الجزء المصاب في الجسم نفسه، بهدف استبدال العضو التالف أو الناقص في جسد الشخص الذي يتلقى العلاج.
ما هي الأعضاء التي يمكن زراعتها؟
يمكننا القول إن تقريباً كل شيء قابل للزراعة، بدءاً من أنسجة الجلد والشعر وصولاً إلى القلب والكلى والكبد والرئتين والبنكرياس والأمعاء والغدد، وحتى العظام والأوتار. وتعتبر زراعة الكلى هي أكثر عمليات زراعة الأعضاء شيوعاً على مستوى العالم.
كيف بدأت فكرة زراعة الأعضاء في الفضاء؟
بدأت القصة كلها عن طريق شخص يُدعى (أندرو مورجان – Andrew Morgan) وهو طبيب أمريكي وُلِد في 5 فبراير 1976 في نيو كاسل في الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد تخرج مورغان من ويست بوينت في عام 1998، تم تكليفه في الجيش الأمريكي كضابط طبي، واستمر في الجيش الأمريكي حتى التحق بوكالة ناسا عام 2013. وخلال هذه الفترة، شهد أندرو حروباً كثيرة، ورأى خلالها ضحايا وأشخاصاً كثيرين فقدوا أطرافهم أو أعضاءً من أجسادهم. ومن هنا كان اهتمام أندرو بزراعة الأعضاء البشرية.
وبعد مشاهدته للتعافي البطيء للجنود الأمريكيين، سأل مورجان نفسه: “لماذا لا نقوم بطباعة نسيج جديد أو حتى أعضاء كاملة جديدة لتحل محل أجزاء الجسم التالفة؟”
وتبلورت في ذهنه هذه الفكرة وبدأ في تنفيذها فعلياً عندما صعد إلى الفضاء في محطة الفضاء الدولية وقام بتجاربه هناك على زراعة الأعضاء عن طريق إنتاج أنسجة حية من الخلايا باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد و”الحبر الحيوي”.
كيف تعمل الطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء البشرية؟
الطابعة الثلاثية الأبعاد باختصار، هي طابعة عادية مثل طابعة الورق ولكن مع اختلاف جوهري في أنها تطبع تقريباً كل شيء يمكن تصنيعه. والطباعة هنا تكون طبقة فوق الأخرى وتستمر الطابعة في وضع طبقة فوق طبقة حتى تكوّن الشكل النهائي.
أما الحبر الحيوي فهو جل قابل للطباعة يحتوي على خلايا حية متعلقة بداخله. هذا الجل الخاص يُطلق عليه “الهيدروجيل” ووظيفته أنه يعمل كوسادة تحمي الخلايا الجذعية أثناء دفعها خلال عملية الطباعة. وبمجرد طباعة الحبر الحي ووضعه في المكان الصحيح، يحافظ الهيدروجيل على البناء المطلوب للأنسجة، وبعد ذلك يتم ضخ الخلايا الحية داخل هذا الهيدروجيل وبذلك تصبح الخلايا داخل شكل مطبوع ثلاثي الأبعاد بالفعل. وبعد ذلك تتطور هذه الخلايا الحية وتتحول إلى غضاريف أو أي نوع آخر من الأنسجة الحية.

لماذا يتم إجراء هذه التجارب في الفضاء؟
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا يجري أندرو مورجان هذه التجارب في الفضاء بدلاً من إجرائها في أي مختبر على الأرض مثل باقي الباحثين العاديين؟
الإجابة هي أنه بحاجة فعلاً إلى إجراء هذه التجارب في الفضاء، والأمر ليس مجرد تعقيد غير ضروري. فوفقاً لأندرو نفسه، عندما ننتج أنسجة بالطباعة ثلاثية الأبعاد على الأرض، يمكن أن تتفكك هذه الأنسجة بسهولة بفعل الجاذبية الأرضية، لأن زراعة بعض الأنسجة تحتاج إلى ما يشبه السقالات العضوية المؤقتة للحفاظ على تماسك هذه الأنسجة.
وضرب مثالاً على ذلك في حالة زرع أعضاء تضم تجاويف مثل حجرات القلب، حيث تحتاج هذه التجاويف إلى هذا النوع من السقالات العضوية. لكن كل المؤثرات التي قد تؤثر على هذه التجارب غير موجودة في البيئة ذات الجاذبية متناهية الصغر، مثل محطة الفضاء الدولية، ولذلك تمثل هذه التجارب أهمية كبيرة هناك.
وكان مورجان يستخدم الجهاز في البداية لتجربة طباعة أنسجة على شكل قلب، لكن الفريق الذي طور هذه التقنية يفكر في تعديل الجهاز ليكون قادراً على طباعة أعضاء بشرية كاملة في الفضاء، ويمكن استخدامها بعد ذلك في عمليات زراعة الأعضاء بالفعل في المستقبل.
هل تم تطبيق هذه التقنية في الواقع؟
سؤال آخر يطرح نفسه: هل لا يزال هذا الموضوع في مراحل المختبرات والأبحاث أم تم تطبيقه بالفعل على أرض الواقع؟
سنجد أنه بالفعل تم تطبيقه على أرض الواقع في بعض الشركات الكبرى.
فمثلاً، تقول اعتدال رضوان، رئيسة البحث العلمي بشركة “سيلينك”، أول شركة تصنّع الحبر الحيوي بطريقة ربحية: “لقد أنتجنا أنسجة زُرعت بنجاح في أجسام الحيوانات، مثل زراعة الجلد. وأجرينا أبحاثاً في شركتنا ستمكننا من استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لكن عن طريق أشعة الليزر التي ستتيح لنا طباعة الأجزاء الدقيقة جداً، مثل الشعيرات الدموية أو الدم والأوعية. ونحاول قريباً زراعة هذه الأنسجة في الجسم البشري”.
وترى الدكتورة رضوان أنه في غضون ما يتراوح بين 10 و15 سنة، سيكون من الممكن زراعة أنسجة وأعضاء مطبوعة بهذا الشكل وستؤدي وظائفها كاملة بطريقة طبيعية في أجسام البشر.
إنجازات علمية في مجال طباعة الأعضاء
وبالفعل أثبت بعض العلماء أنه من الممكن طباعة أنسجة رئيسية وأعضاء مصغرة:
- في عام 2018، نجح فريق من جامعة نيوكاسل في طباعة أول قرنية بشرية.
- أنتج فريق جامعي آخر في فلسطين المحتلة قلبًا صغيراً من خلايا مأخوذة من مريض قلب بالفعل واستخدموا تقنية طباعة الأنسجة البشرية ثلاثية الأبعاد. ويزعم هذا الفريق أنهم يستطيعون استخدام هذه الأنسجة في تطوير رقعات لإصلاح العيوب في القلب البشري.
- نجح علماء من جامعة ميشيغان في طباعة قلب بشري مصغر باستخدام إطار من الخلايا الجذعية يحاكي البيئة التي ينمو فيها الجنين، حتى يتمكنوا من تطوير جميع أنواع الخلايا والأوعية المعقدة اللازمة لإنتاج قلب يؤدي وظائفه بطريقة كاملة.
وليس ذلك فحسب، بل حقق بعض الباحثين تقدماً كبيراً جداً في بناء أعضاء ونسيج أكثر تعقيداً.
فمثلاً، نجح فريق من معهد ويك فورست للطب التجديدي بولاية نورث كارولينا في إدخال خلايا عصبية في عضلات مطبوعة ثلاثية الأبعاد، وستساهم هذه الخطوة في استعادة التحكم في العضلات ووظائفها في الأعضاء المزروعة.
التحديات التي تواجه زراعة الأعضاء بالطباعة ثلاثية الأبعاد
لكن هل معنى ذلك أن المستقبل مثالي وسنرى أعضاء طبيعية مصنعة مختبرياً تعمل بشكل طبيعي مثل أي عضو خلقه الله؟
بالطبع ليس الأمر بهذه السهولة أبداً. فمثلاً، تحذرنا جينيفر لويس، أستاذة الهندسة الحيوية بجامعة هارفارد، من التحديات الكثيرة التي ستقف عائقاً أمام طباعة الأعضاء ثلاثية الأبعاد.
فطباعة أعضاء تؤدي وظائف الأعضاء الطبيعية، مثل وظيفة الكلى في ترشيح الدم، ليست سهلة أبداً. ولإنتاج أعضاء تعمل بشكل كامل يجب أولاً محاكاة عملية تكوين الأعضاء، كما تتشكل الأنسجة والأعضاء البشرية في جسم الجنين داخل الرحم.
والتحدي القائم أمام العلماء حالياً هو أن وظائف الأنسجة المطورة في المختبر غير مكتملة مقارنة بالأنسجة المطورة داخل الجسم الحي بالفعل.
وهناك تحدٍ آخر قائم أمام العلماء لا يمكن تجاهله وهو تكلفة القيام بطباعة هذه الأنسجة.
فتكاليف الطباعة في الفضاء ليست رخيصة أبداً. يكفي أن تعرف أن سعر جهاز التصنيع الحيوي للأنسجة في محطة الفضاء الدولية يساوي سبعة ملايين دولار، بالإضافة إلى تكلفة إطلاق الخلايا وغيرها من المواد الخام إلى المدار الأرضي وإعادة الأعضاء إلى الأرض بأمان.
ومن الصعب أيضاً إنتاج كميات كبيرة من الأعضاء في الفضاء تغطي احتياجاتنا حتى الآن. وهذا ما جعل بعض العلماء يفكرون في إمكانية محاكاة البيئة منخفضة الجاذبية على كوكب الأرض لزراعة أنسجة دقيقة ومعقدة، دون الحاجة إلى السفر للفضاء.

لماذا نحتاج إلى هذه الأبحاث؟
هل نحن بحاجة فعلاً إلى هذه الأبحاث؟
الإجابة نعم، نحن بحاجة إليها بالفعل. فمثلاً، تقول الأستاذة لويس إن الأعضاء المتبرع بها لا تكفي لتلبية الطلب على عمليات زرع الأنسجة والأعضاء البشرية. “على سبيل المثال، هناك مليون حالة حول العالم على قوائم الانتظار لزرع الكلى”.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك 130 ألف عملية زرع أعضاء تحدث سنوياً، لكن هذا العدد لا يغطي سوى حوالي 10 في المئة من الطلب على زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.
وتضيف لويس: “إذا وفرنا هذه الأعضاء فقط للناس المرضى، فسيكون ذلك إنجازاً كبيراً جداً في حد ذاته”.
كما أن طباعة عضو جديد باستخدام خلايا المريض نفسه تكاد تمنع تماماً المشاكل المترتبة على رفض الجسم للأعضاء الغريبة، وهي من المشاكل الشائعة في عمليات زراعة الأعضاء البشرية.
زراعة الأعضاء ونظرية الإنسان الخارق
كل ما سبق يبدو رائعاً وسيساعد مرضى كثيرين على أن يعيشوا حياتهم بطريقة طبيعية. ولكن هل هذا ما سيحدث فعلاً أم أن الناس سيستخدمونها بطريقة خاطئة أخرى كما يحدث في كل شيء حولنا؟ وهل ستطبق نظرية الإنسان الخارق؟
باختصار، عندما تصبح الأعضاء متوفرة لأي مريض يعاني من مشاكل في القلب أو الكلى مثلاً، سيحدث انخفاض كبير في معدل الوفيات في العالم.
يكفي أن تعرف أن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الرئيسي للوفاة في الدول الغربية. تقول التقديرات إن واحداً من كل ثلاثة أشخاص يموتون نتيجة إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية، وإن زراعة قلب سليم يمكن أن تجعل الشخص يعيش عشر أو عشرين سنة إضافية. أي أن القدرة على طباعة الأعضاء وإطالة الأعمار ستجعل عدد سكان البشر أكبر، وهذا سيؤدي إلى ندرة الموارد.
بالإضافة إلى ذلك، عندما تصبح هناك قدرة على صناعة الأعضاء البشرية، فإن عدّاءً قد يقول: “لماذا لا أخضع لعملية تغيير أعضاء وأزيد حجم رئتي وأزرع ساقاً بعضلات أكبر لأركض أسرع ولفترة أطول؟” وشخص آخر ثري قد يقول: “لماذا لا يكون لدي ثلاثة قلوب تجعلني أعيش أطول؟” وشخص أغنى منه قد يتفوق عليه ويقول: “سأغير جسمي كله لأصبح أقوى وأصغر من باقي البشر”.
وهنا ستبدأ في الظهور استخدامات شاذة لزراعة الأعضاء البشرية بعيدة عن السبب الأساسي الذي تم إنتاجها من أجله. ولنفترض أن إنساناً طبيعياً جداً سيستخدمها استخداماً عادياً، لكن عندما يجد أن أعضاء جسمه تتدهور بسبب التقدم في العمر، لماذا لا يغيرها ليعود شاباً مرة أخرى؟ وهنا سيلجأ كل شخص إلى ترك إنسانيته الطبيعية والسعي لأن يصبح إنساناً خارقاً.
الخاتمة
هذه هي قصة زراعة الأعضاء البشرية بطريقة مبسطة، وقد غطينا أغلب مزاياها وأشهر عيوبها. وفي النهاية، لو كانت لديك فرصة تغيير جزء في جسمك للأفضل، ماذا ستختار أن تغيره؟
وهل تفضل أن تبقى إنساناً عادياً أم ترى أنك ستفضل أن تكون إنساناً خارقاً؟
اكتب رأيك في التعليقات بالأسفل، واذا أعجبك هذا المقال، يجب أن تشاهد هذا الموضوع الذي يشرح لنا كيف سوف يستطيع البشر الوصول الي الخلود خلال خمس سنوات من الآن!
***
مصادر:
https://www.technologyreview.com/2021/06/18/1026556/nasa-bioprinting-artificial-organs-space
https://www.bbc.com/future/article/20210601-how-transplant-organs-might-be-printed-in-outer-space
الأسئلة الشائعة حول زراعة الأعضاء في الفضاء:
س: ما الفرق بين زراعة الأعضاء التقليدية وزراعة الأعضاء المطبوعة في الفضاء؟
ج: زراعة الأعضاء التقليدية تعتمد على متبرعين بينما الأعضاء المطبوعة في الفضاء تستخدم خلايا المريض نفسه، مما يقلل من احتمالية رفض الجسم للعضو المزروع.
س: متى ستكون تقنية طباعة الأعضاء البشرية متاحة للجميع؟
ج: وفقاً للدراسات، يتوقع العلماء أن تكون هذه التقنية متاحة خلال 10-15 سنة القادمة.